سؤالٌ مِن الأخ: أبي عبد الله، مِن السُّودان، يقول: شخص تَسَبَّب في نَشْر المعاصِي ثم تاب، فهل يَلْحَقه إثم مَن تَبِعه عَلَى المعصية؟

باب التوبة

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسوله محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالجواب عن سؤال الأخ مِن وجهين:

الأول: المتسبِّب في نشر المعاصِي، فهذا إذا تاب مِن نشرها فإنَّ الله يَقْبَل توبة عباده إذا شاء، ويَعْفُو عن سيِّئاتهم؛ لقوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وقوله -عزَّ ذِكْرُه-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التحريم: 8]، بل إنَّه -عزَّ وجلَّ- رَحِيمٌ بعباده يبدِّل سيِّئاتهم حسنات إذا تابوا وآمنوا وعملوا أعمالًا صالحة، قال -تَقَدَّس اسمه-: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70]، فهذا المتسبِّب في نشر المعاصِي إذا تاب وأَخْلَص التَّوبة بشروطها الثَّلاثة وهي: النَّدَم عَلَى الفعل، والعزم عَلَى تَرْكه، وعدم العودة إليه، فعَسَى اللهُ أن يتوب عليه.

الوجه الثَّاني: إذا كان لهذا المتسبِّب أتباعٌ فعليه أن يُعْلِن توبته للمَلأ، فيَتَبَرَّأ مما فعل حتَّى يَصِل ذلك إلى أتباعه، فإذا فعل ذلك أصبح الإثم عَلَى أتباعه، إذا لم يتوبوا مما تبعوه.

والله -تعالى- أعلم.