سؤالٌ مِن الأخت: ياسمين، مِن الجزائر، تقول فيه: ما حُكْم هَجْرُ الأقارب والجيران إن كانوا يَتعاملون مع السَّحَرة، وهذا الهَجْرُ يكون مِن باب الوِقاية مِن شرورهم؟

هَجْرُ الذين يَتَعاملون مع السَّحَرة

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسوله الأمين محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فأَمْرُ السِّحر أَمْرٌ عظيم، فهو شِرْك وكُفْر وضَلال، ولا يَتعامل به إلا مَن فقد إيمانه وزاغ عَقْله وبَصَره، وقد بَيِّن اللهُ في كتابه أنَّه عَلَى تلك الصِّفَة مِن الكُفْر، فقال: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102]، كما بَيَّن -تَقَدَّس اسمه- أنَّه عَمَلٌ باطلٌ وأنَّه لا يُصْلِح عَمَل المفْسدِين، أي: أنَّ السِّحر في صناعته وتعليمه والتَّعامل به مِن الفساد في الأرض، ومِن صِفات الشَّياطين وضَلالهم، وقد بِيَّن اللهُ -عزَّ وجلَّ- أنَّ الشَّيطان عَدُوٌّ للإنسان، وأنَّ عَلَى الإنسان أن يَتَّخذه عَدُوًّا، بقوله: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير﴾ [فاطر: 6]، وقد أَخَذَ -عزَّ وجلَّ- عَلَى عباده الميثاق بأن لا يَعبُدوا الشَّيطان بقوله: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [يس: 60]. هذا في كتاب الله، أمَّا في سُنَّة رسوله، فقال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((اجتَنِبوا السَّبْع الموبِقات)) أي: المهْلِكات، ومنها: ((السِّحر))([1]).

وعقوبة السَّاحر ضَرْبُه بالسَّيف، كما قال الصَّحابي الجليل جُنْدب بن عبد الله البَجَلِيِّ -رَضِيَ اللهُ عنه-: ((حَدُّ السَّاحر ضَرْبُه بالسَّيف))([2])، والآيات والأحاديث في تحريم السِّحر كثيرة.

هذا في عموم المسألة، أمَّا عن سؤال الأخت، فالواجب هَجْر كُلِّ مَن يَتعامل بالسِّحر، سواء مِن أقاربها أو جيرانها؛ اتِّقاء شَرِّهم، فلا يجوز مُصادَقَتُهم أو مُؤاكَلَتُهم أو مُجالسَتُهم حتَّى يَتُوْبوا، فهم مِن شِرار الخَلْق، يَعْبُدون الشَّياطين، ويَتَقَرَّبون لهم ويَذْبَحون لهم، ويُدَنِّسُون كتابَ الله بأرجلهم وأفعالهم؛ فاقتَضَى ذلك تحريم التَّعامل معهم بأيِّ صِفَة. والله -تعالى- أعلم.

([1]) أخرجه البخاري، كتاب: الوصايا، باب: قول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾، برقم: (2766)، (4/10)، ومسلم، كتاب: الإيمان، برقم: (89)، (1/64).

([2]) أخرجه الترمذي، ‌‌أبواب: الحدود، باب: ما جاء في حد الساحر، برقم: (1460)، (3/127)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة مرفوعًا، وصححه موقوفًا على جندب -رضي الله عنه-، برقم: (‌‌1446)، (3/641-643).