الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسوله الأمين محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيُفْهَم مِن السُّؤال أنَّه عَمَّا قِيْل في مواقع التَّواصُل الاجتماعي بِرَشِّ المنزِل ببعض الموادِّ. والمراد مِن هذا -كما يَبْدُو- حِمايَة المنزِل مما قد يتعرَّض له مِن الحسَد، واستعمال هذه الموادِّ يَقِي منه ومِن السِّحر، حسبما يَعْتَقِده مَن يقوم بِرَشِّ منزله؛ خوفًا مِن هذه الأضرار أنَّ العديد مِن النَّاس في العديد مِن البلدان يؤمنون بهذه الأفكار؛ نتيجة تَوارُثٍ وحكايات هَدَفَ المروِّجون لها الارتزاق منها، أو مُجَرَّد تخويفٍ لمن يَعْتَقدِون بهذه الأشياء.
هذا في عموم المسألة، أمَّا عن سؤال الأخت فلا أعلم له أَصْلًا شَرْعِيًّا، أمَّا حماية المنازل مِن الأضرار الحِسِّيَّة (غير المرئيَّة)، كالحَسَد فهذه الحماية مستحَبَّة، بما يَعْلَمه المسلمُ مِن دِينه، ومِن ذلك قراءة سُورة البقرة وآل عمران (الزَّهْراوَين)، وآية الكُرْسِي والقرآن في عمومه، وكذا الذِّكْر، وصلاة السُّنَن الرَّواتِب في المنزل لمن يُصَلُّون في المساجد؛ لما وَرَدَ في رواية زَيْد بن ثابت -رَضِيَ اللهُ عنه- أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صَلُّوا أيُّها النَّاس في بُيُوتِكُم، فإنَّ أَفْضَل الصَّلاة صلاة المَرْءِ في بَيْته إلا المَكْتُوبة))([1]).
ومع ذلك قراءة سُورة الإخلاص، فهِيَ ثُلُثُ القرآن كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في حديث أَبِي الدَّرْدَاء -رَضِيَ اللهُ عنه-: ((﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن))([2]).
ومِن ذلك: كَثْرَةُ الاستغفار ونَبْذُ الصُّوَر المحرَّمة، وقراءة المعوِّذتين ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ [الفلق: 1]، و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ [الناس: 1].
فهذه الأَوراد والأَذكار مِن كتاب الله وسُنَّة رسوله محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- حِصْنٌ للمُسْلِم، في مَنزِله مِن الشُّرور المرئيَّة وغير المرئيَّة.
والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه البخاري، كتاب: الأذان، باب: صلاة الليل، برقم: (731)، (1/147)، ومسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، برقم: (781)، (2/188).
([2]) أخرجه مسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، برقم: (811)، (2/199).