سؤالٌ مِن الأخت: كَرِيْمَة، مِن الجزائر، يقول: ما حُكْم مُؤَاكَلَة السَّاحِرة ومُجاوَرتها وزيارتها وقبول هَداياها؟

العلاقة مع السَّحَرة

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالسِّحر -كما سَبَق أن ذَكَرْنا- مُنْكَرٌ عظيم وهو مِن فِعْل الشَّياطين وضَلالهم، والأصل فيه قول الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102]، وقوله -تَقَدَّس اسمه-: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6]، وقوله -عَزَّ ذِكْرُه-: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: 69]، والأصل فيه أيضًا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اجْتَنِبوا السَّبْع الموبِقات))، قالوا: يا رسول الله، وما هُنَّ؟ قال: ((الشِّرْك بالله، والسِّحر…))([1]). وقال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((حَدُّ السَّاحر ضَرْبَةٌ بالسَّيف))([2]).

فالسَّحَرة خَدَمٌ للشِّياطين يُسَيِّرُونهم ويُعَلِّمُونهم إضلالَ العباد؛ حتَّى يَكُوْنوا مثل ما هم عليه مِن الضَّلال، فالواجب اجتناب هؤلاء وعدم الدُّخول عليهم، وعدم قبول هَداياهم ومُؤاكَلَتهم وزيارتهم ومُجالَستهم، فالمال الذي يأخذونه مُقابِل عَمَلِهم مال حرام، وما يَتَفَرَّع عنه مِن تَبَرُّعٍ أو هَدايا يُعَدُّ أيضًا في حُكْمِه.

فالحاصل: أنَّه لا يجوز مُوَالاة السَّحَرة بأيِّ صِفَة، فمَن يَرْضَى بالفعل المحرَّم لا يُبْعَد أن يَكُوْن شَريكًا فيه.

والله -تعالى- أعلم.

([1]) أخرجه البخاري، كتاب: الوصايا، باب: قول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ‌الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾، برقم: (2766)، (4/10)، ومسلم، كتاب: الإيمان، برقم: (89)، (1/64).

([2]) أخرجه الترمذي، ‌‌أبواب: الحدود، باب: ما جاء في حد الساحر، برقم: (1460)، (3/127)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة مرفوعًا، وصححه موقوفًا على جندب -رضي الله عنه-، برقم: (‌‌1446)، (3/641-643).