سؤالٌ مِن الأخت: ش. ف. مِن الجزائر، يقول: جارَتنا كانت تأتينا كُلَّ مَرَّة ونَسْتَقبلها ونَفْرَح بها، إلا أنَّها في أَحَدِ الأيَّام جَلَبَتْ لَنا حُزْمَةً صغيرة (خِرْقَة) قالتْ: خَبِّئُوْها عندكم، هذا مُجَرَّد شيء لِزَوْجِها، لكنَّنا شَكَكْنا في الخِرْقَة ففَتَّشْناها، فوَجَدْنا شَعرًا مَحْرُوقًا وصورة زوجها، فعَرَفنا أنَّه سِحر، فأَرْجَعنا لها سِحرها ومُنْذُ ذلك الحِين قاطَعْناها؛ لأنَّها تُمارِس السِّحر. هل مُقاطَعتنا لها وتَجَنُّبنا إيَّاها أَمْرٌ مقبول أو غير جائز؟ ورَجاءً كيف نَتَعامل مع مثل هؤلاء؟

الإِعراض عن أصحاب المحَرَّمات كالسحرة وامثالهم

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسوله محمَّدٍ الأمين، وعَلَى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فخُلاصَة السُّؤال أنَّ امرأةً أَتَتْ إلى جِيرانها وأَوْدَعَتْ عندهم لُفافَة فيها سِحر، وتَسْأل الأختُ عن التَّعامل مع مِثْل هذه المرأة، والجواب: أنَّ هؤلاء رُسُل الشَّياطين، إمِّا عن جَهْلٍ حين يَقَعُوْن ضَحِيَّة لمن يَسْتَغِلُّهم مِن المحْتَرِفِين لهذه الجرائم والمحرَّمات، وإمَّا عن قَصْدٍ حين يَعْتَقِدُون أنَّهم عَلَى حَقٍّ ولا يَعْرِفون أنَّهم عَلَى ضَلال.

والسِّحر أَمْره عظيم؛ لأنَّه كُفْر بالله وشِرْك به، أمَّا كونه كفرًا، فقد قال -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102] وأمَّا كَوْنه شِرْكًا، فإنَّ السَّحَرة يَسْجُدون للشِّياطين ويَأْتَمِرُون بما يأمرونهم به مِن الضَّلال، كالذَّبح لغير الله والسُّجود لِرُؤَسائهم.

هذا في عُمُوم المسْألة، أمَّا عن سؤال الأخت فالواجب عَدَم قَبُول مِثْل هذه المرأة أو قَبُول وَدِيْعَتها أو التَّعامُل معها أو مع أمثالها، بل الواجب الإبلاغ عن هؤلاء للجِهات المسْؤولة، فهذا الإبلاغ مِن باب التَّعاون عَلَى البِرِّ والتَّقوَى؛ كما قال -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].

فالحاصل: أنَّ الواجب عدم التَّعامُل مع السَّحَرة والإبلاغ عنهم؛ لأنَّ تَرْكَهم يَعْبَثون يَنْتُج مِنه أخطار كثيرة، للأفراد في خُصُوصهم وللأُمَّة في عُمُومها. والله -تعالى- أعلم.