سؤالٌ مِن الأخت: س. ن. مِن الجزائر، تقول: هل صحيح أنَّ اسم عُكاشَة يَجْلِب للطِّفل التَّنَمُّر؟

التَّشاؤُم مِن اسم: (عُكاشَة)

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسوله محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد،

فالأسماء لها دلالات وتأثير عَلَى المسمِّي والمسمَّى، فالمسمِّي (والد المسمَّى) يجب أن يكون اسم ولده حَسَنًا يُدْعَى به، والمسمَّى (الولد) يجب أن يكون اسمه حَسَنًا حين ينادِيه النَّاس به، فالوالد يحب أن يسمِّيَ ولدَه (فلاحًا)؛ تَيَمُّنًا وأَمَلًا أن يكون فالحًا في حياته، ويسمِّيه (صالحًا)؛ تَيَمُّنًا وأَمَلًا أن يكون هذا الولد صالحًا.. وهكذا، وقد وَرَدت آثار عن كراهة التَّسمية ببعض الأسماء، مثل (يَسَار) و (رَبَاح) منها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، ولا رَبَاحًا، ولا نَجِيْحًا، ولا أَفْلَحَ، فإِنَّكَ تقول: أَثَمَّ هُوَ؟ فلا يَكُون، فيقول: لا، إنَّما هُنَّ أَرْبَعٌ، فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ))([1])، ولكن هذه الكَراهة لا تَمْنَع مِن التَّسمِيَة بهذه الأسماء، ولكن هنالك أسماء تكون الكراهة فيها شديدة؛ لأنَّها مما يَكْرَه النَّاس، ومِن ذلك: (كَلْب) و(كُلَيْب) و(حَيَّة)، و(عَقْرَب)، ونحو ذلك مِن الأسماء، التي تَشْمَئِزُّ منها النُّفوس لِقُبْحها، فعند الشَّافعية تُكْرَه الأسماء القَبِيْحة، كَشَيطان، وظالم، وشِهاب، وحِمار، وكِلْب، وعند الحنابلة تُكْرَه التَّسمية بأسماء الجبابِرَة، كَفِرْعَون، وأسماء الشَّياطين([2])، وعند المالكيَّة يُمْنَع التَّسمية بكُلِّ اسم قَبِيح([3])، وقد أَخرَج الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لِلَقْحَة تُحْلَب: ((مَن يَحْلِب هذه؟)) فقام رجل فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- -: ((ما اسمُك؟)) فقال الرَّجل: مُرَّة، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اجلس))، ثم قال: ((مَن يَحْلِب هذه؟)) فقام رجل فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما اسمك؟)) فقال: حرب، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اجلس))، ثم قال: مَن يَحْلِب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما اسمك؟)) فقال: يَعِيْش، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- -: ((احلب))([4]).

وهنالك أسماء أُخْرَى شائعة في بعض بلدان المسلمين، مثل: (عاصِي)، و(فاجِر)، و(قَتَّال)، و(جَرَّاح) ونحوها مِن الأسماء، ومن الأسماء المستهجَنة كذلك التَّسمِّي بأسماء الحيوانات، مثل: (ذِيْب)، (سَبع)، (وَحْش)، (نَسْر)، (غُراب).

هذا في العموم، أما خير الأسماء فهو ما عُبِّد كعبد العزيز، وعبد الحكيم، وكذا ما حُمِّد كمحمَّد وأحمد.

فاقتضَى ما ذُكِر كَراهة الأسماء المستهجَنة والمستقبَحة، وكُلُّ اسم يكون فيه أذًى لصاحبه.

أما الجواب عن سؤال الأخت، فلا أعلم أصلًا لما ذكرَتْه عن اسم عُكاشَة، فمِن بين صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عُكاشَة بن مِحْصَن، ولَعَلَّ ما ذكرَتْه مما يُخْطِئ فيه العامَّة فيَتقوَّلون أقوالًا ومُسَمَّيات لا أصل لها.

والله -تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه مسلم، كتاب: الآداب، برقم: (2137)، (6/172).

([2]) انظر: مطالب أولي النهى، (2/494-495)، وكشاف القناع، (3/28).

([3]) انظر: مواهب الجليل، (3/256)، ومنح الجليل، (2/492).

([4]) أخرجه مالك، كتاب: الاستئذان، باب: ما يكره من الأسماء، برقم: (24)، (2/973) واللفظ له، والطبراني في الكبير، برقم: (710)، (22/277)، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد، برقم: (12831)، (8/47).