سؤالٌ مِن الأخت: جُوَيْرِيَة، مِن الجزائر، يقول: صَدِيْقَتِي كانت عَلَى علاقة مع شخص في الفيسبوك، وتَحَدَّثَتْ معه في مَحْظُورات وأمور جِنْسِيِّة، لكنَّها أفاقَتْ وتابَتْ إلا أنَّه يلاحقها ويحاول فَضْحَها، وهي خائِفَة، فأرْشِدُونا كيف نَتَصرَّف؟

التَّوبة مِن المحَظُور

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فتَوْبَة صَدِيْقَة الأخت في السُّؤال مما أمر الله بها، في قوله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]، وقوله -عزَّ ذِكْرُه-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التحريم: 8]، والآيات التي تَدْعُو العبدَ إلى التَّوْبَة مِن ذُنوبه وخَطِيئاته كثيرة.

وقد رَغَّبَ فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((والله إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ الله وأَتُوبُ إليه في اليوم أكثر مِن سَبْعِين مَرَّة))([1])، وقوله -عليه الصَّلاة والسَّلام-: ((التَّائبُ مِن الذَّنْب كَمَن لا ذَنْب له))([2])، وقوله: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه لو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ الله بِكُمْ، وَلَجَاء بِقَوْمٍ يُذْنِبُون، فَيَسْتَغْفِرُون الله فَيَغْفِر لهم))([3]).

والذين يَتَّبِعون الشَّهوات لا يُرِيدون لأحَدٍ أن يَنْفَكَّ عنهم بعد أن يَتَلَقَّفوه، وقد أَخْبَر اللهُ -عزَّ وجلَّ- عنهم بقوله: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 27]، والإِشْكال فيما يَحْدُث مِن بعض النِّساء خاصَّة الفَتَيات، عندما يَنْخَدِعْن بمِثْل هؤلاء المتَّبِعِين لشَهواتهم فيَنْزَلِقْن معهم ثم يَفِقْنَ مِن خَطَرهم وآثامهم. والأهَمُّ في سؤال الأخت أنَّ صَدِيقتها تابَتْ وأنابَتْ، فعسَى الله أن يتقبَّلَ توبتها، وأمَّا الذي يلاحِقها فلا يجوز له، بل يَجِب عليه التَّوبة إلى الله وعدم إيذاء مَن هي بمكانة أخته المسْلِمَة، فعساه أن يتوب إلى الله؛ حتَّى لا يكون مِن الذين قال الله -عزَّ وجلَّ- فيهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]. والله -تعالى- أعلم.

([1]) أخرجه البخاري، كتاب: الدعوات، باب: استغفار النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليوم والليلة، برقم: (6307)، (8/67).

([2]) أخرجه ابن ماجه، أبواب: الزهد، باب: ذكر التوبة، برقم: (4250)، (5/320)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم: (3008)، (1/578).

([3]) أخرجه مسلم، كتاب: التوبة، برقم: (2749)، (8/94).