سؤالٌ مِن الأخت: أَمِيرة، مِن الجزائر، يقول: أُرِيد أن أَسأل سؤالًا، والله إنِّي حائرة ونحن في هذا القَرْن، وهو: لماذا يَذْكُر بعضُ المشايخ كلمة: (رضي الله -تعالى- عنه) أو (رضي الله عنه) لبعضهم؟ الذي أَعْلَمُه أنَّه تُذْكَر هذه الكلمة للصَّحابة -رضي الله عنهم- فقط.

كَلِمَة -رَضِيَ الله عنه- ومَن يَسْتَحِقُّها

الحمد لله ربِّ العالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسوله محمَّدٍ، وعَلَى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فظاهر سؤال الأخت أنَّها تَسْتَغْرِب أن تكون كَلِمَة: (رَضِيَ اللهُ عنه) لغير الصَّحابة، فالرِّضا في اللغة: ضِدُّ السَّخط، بمَعْنَى رَضِيَ عنه أي اختاره وقَبِلَه([1])، وهو دعاء للعبد أن يَرْضَى اللهُ عنه، والجواب عن هذا أنَّ هذا الدُّعاء جائز بهذا اللفظ، بمَعْنَى الدُّعاء للعبد أن يَرْضَى اللهُ عنه، والله -عزَّ وجلَّ- يَرْضَى عن المؤمن بسبب صلاحه وتُقاه، فقد رَضِيَ عن الأنصار أصحاب الشَّجرة الذين بايَعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الجهاد ونُصْرَة رسوله، فقال -عَزَّ ذِكْرُه-: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح: 18] ويَرْضَى الله -عزَّ وجلَّ- عن المؤمنين الذين يَعْمَلون الصَّالحات فقال -تَقَدَّسَ اسمه-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [البينة: 7-8].

فالحاصل: أنَّ استخدام كلمة -رَضِيَ اللهُ عنه-للمُؤْمِن جائزٌ؛ لأنَّها دعاء إلى الله أن يَرْضَى عن عبدٍ من عباده، ورِضا الله أعظم ما يَتمنَّاه العبد مِن ربِّه. والله -تعالى- أعلم.

([1]) انظر: المعجم الوسيط، (1/351).