سؤالٌ من الأخت: فاطمة الزَّهراء، من الجزائر، يقول: هل يجوز لأحد أن يَهْجر بلده بحُجَّة أنَّه بلد علماني، ويقولون: هذا ما نَصَحَهم به شيوخُهم؛ حفاظًا على دِينهم والرِّزق بِيَدِ الله؟

هل يجوز أن يَهْجُر بلده بحُجَّة أنَّه بلد علماني

تَجِبُ الهجرة على المسلم عندما يكون في بلدٍ يُفتَن فيه في دِينه، فيُهاجِر إلى بلدٍ لا يُفتَن فيه، ولو كان أهل هذا البلد على غير دِينه، فقد هاجر عددٌ من الصَّحابة -رضوان الله عليهم- إلى الحبشة، بعد أن عاداهم المشركون في مكَّة، مع أنَّ أهل الحبشة كانوا غير مسلمين.

وفي هذا الزَّمان الذي ترابط فيه العالم مع بعضه أصبح للهجرة أربعة أغراض:

الأول: الهجرة لطلب العِلْم.

الثاني: الهجرة لطلب العَمَل، وهاتان الهجرتان جائزتان.

الثالث: للدَّعوة إلى الله وهذه الهجرة مَنْدُوْبَة، ومن أفضل القُرُبات عند الله، وهي رِسالةٌ مُلْقاةٌ على هذه الأمَّة؛ كما قال الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104]، وقال -عزَّ ذِكْرُه-: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110]، وهذه الدَّعوة يجب أن تكون بالحِكْمة والموعظة الحَسَنة.

الغرض الرَّابع: الهجرة لما يَراه بعضُ المؤمنين من الضِّيق في بلادهم، مثل المضايقة في أرزاقهم، وحَظْر الحجاب على نسائهم، وعدم إطالة شعر لحاهم، ونحو ذلك مما يَشْكُو منه هؤلاء، فإذا كانت شَكْوَى هؤلاء صحيحة فالهجرة جائزة، بل قد تكون واجبة، فالمِعْيار في هذا أن تكون هناك فِتْنَة للمسلم في بلده يَخْشَى منها على دِينه ومُعْتقَده.