رسالة الإمام السجزي‮ ‬في‮ ‬الرد على من أنكر الـحرف والصوت‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

باب توحيد الأسماء والصفات

من عبدالرحمن بن حسـن النفيسـة إلى الأخ المكـرم الشـيخ/ج.. أحمد رئيس مدرسة … في مدينة دكا ببنغلاديش -سلمه الله-.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وآمل لكم ولإخوانكم في المدرسة في بنغلاديش التوفيق في خدمة العلم وتنشئة الأجيال المسلمة، لما يحبه الله ويرضاه في أمر دينهم ودنياهم.

لقد تسلمنا الأسئلة المرسلة منكم حول عدد من المسائل ومنها المسألة التاسعة عشرة الآتي نصها:«إن ذات الله تعالى ليست كذوات خلقه، لذا فإن صفاته عز وجل ليست كصفات خلقه، وهي توقيفية على القرآن والسنة، لا يجوز فيها الاجتهاد ولا القياس ولا الاستشهاد بأشعار العرب وغيرها، ولا تشبيهها بالمخلوقات. ومن الصفات العلية صفة الكلام؛ فقد ثبتت بقوله تعالى:{وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:461] .وغيره من الأدلة، لكن ليس له حرف؛ لأنه لا دليل له من الكتاب والسنة، فلماذا انحرف السجزي وغيره من الحشوية عن عقيدة أهل السنة والجماعة؟». انتهى بنصه.

وأقول: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، أما بعد:

فإن من أصعب الحديث الخوض في مسائل قديمة كثر فيها الجدال، وتنوع فيها الكلام، واحتدت فيها الألسن، وطغى فيها الخصام، وساءت فيها الأفهام، وزاغت فيها الأبصار، وارتكست فيها العقول؛ فكثرت الفرق، وتعددت الطوائف فتعصب كل فريق لفريقه، وكل تابع لمتبوعه، ولم ينج منها إلا من سلمه الله؛ فلم يقل في الصفات إلا ما قاله الله عز وجل عنه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١]. ولم يقل في القرآن إلا ما قاله عز وجل: {تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} [فصلت:٢]. ولم يتبع في أمور دينه إلا سنة نبيه ورسوله محمد ، وسنة خلفائه الراشدين، وتابعيهم، ومن تبعهم بإحسان؛ وهو ما أمر به عليه الصلاة والسلام أمته في قوله:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور)([1]). وهو ما حذر عليه الصلاة والسلام من مفارقتها، بقوله:(افترقت اليهود والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة) قيل:من هي يا رسول الله؟ فقال:(من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)([2]).

ورغم صعوبة الحديث عن تلك المسائل التي حدثت في زمن مضى، إلا أنه جواباً عن سؤالكم أقول:فيه ثلاث مسائل لا بد من الحديث عنها بإيجاز حتى يكون الأمر أكثر وضوحاً للقارئ، وهذه المسائل كما يلي:

المسألة الأولى:المنكرون كلام الله عز وجل:

يبين التاريخ بوضوح أن أمتنا قد ابتليت بالعديد من الأعداء في عدة مراحل من تاريخها؛ فبعد وفاة رسول الله محمد  وانقضاء عصر خلفائه الراشدين، ووفاة صحابته الأبرار، اندس بين المسلمين فرق عديدة قامت على التحريف والهدم، وإشعال الفتن بين الأمة ابتغاء تفريقها في عقيدتها، وتمزيق وحدتها. وقد أخبر الله عز وجل عن ذلك في آيات عدة من كتابه الكريم، منها قوله تعالى:{وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} [النساء:98]  وقوله عز وجل:{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} [التوبة:23].

وقد خاطب الله نبيه ورسوله محمداً ، وحذره من الفتن وأصحابها، ممن يعملون على محاربة دين الله، فقال عز وجل: {وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ} [المائدة:94]. ثم بين تعالى في هذا السياق أن المسلم معرض للفتن في دينه، فقال جل ثناؤه:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون} [العنكبوت:٢] . كما بين عز وجل أن على المسلم مقاتلة أصحاب الفتن، فقال جل ثناؤه:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ } [البقرة:391] .

ولا ريب أن في الفتن ابتلاء وامتحاناً للمؤمنين لمعرفة مدى جهادهم، وصبرهم، ومدى قدرتهم على دفعها، ومقاومة أصحابها، وفي هذا قال الله عز وجل:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم} [محمد:13] .

وأول من أشعل الفتنة بإنكار كلام الله عز وجل الجعد بن درهم([3]) في أوائل المئة الثانية بعد الهجرة؛ فقد كان هذا معلماً لمروان الحمار([4]) آخر خلفاء بني أمية، فأنكر أن الله عز وجل يتكلم. وقد أخذ الجعد مقولته هذه عن بيان بن سمعان، وأخذها بيان عن طالوت ابن أخت لبيد ابن الأعصم، وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم (الذي سحر رسول الله r) عن يهودي باليمن.

وقد اشتد غضب علماء الأمة على الجعد بن درهم، وإنكارهم لمقولته، فطالبوا بقتله، فاستجاب لهم خالد بن عبدالله القسري([5])، وكان يومئذٍ عاملاً لبني أمية على مدينة واسط في العراق. وفي عيد الأضحى المبارك خطب خالد في الناس، ثم قال لهم بعد انتهاء الصلاة:أيها الناس ضحوا -تقبل الله ضحاياكم– فإني مضح بالجعد بن درهم، فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً، ثم نزل من على المنبر فقتله أمام المصلين([6]).

ولم تنته فتنة الجعد بن درهم بقتله؛ فقد فتن الجهم بن صفوان الترمذي([7]) بهذه المقولة، فأنكر أن الله يتكلم، ولما خشي على نفسه من هذه المقولة صار ينافق المسلمين، ويقر بأن الله يتكلم، ولكنه -كما يقول– كلامه يخلق في محل كالهواء وورق الشجر، (تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) . وقد نفي هذا الضال إلى بلده ترمذ إلى أن قتله سلم بن أحوز -رحمه الله– في مدينة أصفهان. ولم تنته فتنة الجهم بن صفوان بقتله، بل أخذ بمقولته بشر المريسي([8])، فكان هذا عالم الجهمية في زمانه. وقد كفَّره علماء الأمة وردوا عليه مقولته وما فيها من زيغ وضلال.

وقد أخذ القاضي أحمد بن أبي دؤاد([9]) هذه المقولة منه فامتحن مع المأمون([10]) والمعتصم([11]) الناس بالقول بخلق القرآن، وحدث ما حدث من تعذيب وإيذاء المخالفين لهم، وعلى رأسهم إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، وكانت تلك الفتنة أشد الفتن وأعظمها إرهاقاً في تاريخ الأمة؛ إلى أن آلت دولة الخلافة إلى فتن وحروب، وتفرقت دويلات شاع فيها الفساد؛ وانتشر فيها الظلم؛ وعمت فيها الفوضى؛ حتى أصبحت بلاد الأمة كلها طمعاً للطامعين، وهدفاً للغزاة والمحتلين الذين تعاقبوا عليها، وفعلوا ما فعلوا فيها من القتل والتدمير، وانتهاك الحرمات.لقد صبر الإمام أحمد وصحبه من المؤمنين الصادقين على ما ابتلوا به؛ فجاهدوا وأنقذوا الأمة من استمرار فتنة القول بخلق القرآن، فقطعوا دابرها فكانت لهم -بمشيئة الله– العقبى في الدارين، وأصحبت تلك الفرق القديمة وأصحابها في عداد الهالكين، وسيجزي الله كل نفس بما عملت{وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف:٩٤].وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:«واتبع المؤمنون ما أنزل إليهم من ربهم من أن الله تكلم بالقرآن، وأنه كلم موسى تكليماً، وأنه يتكلم. ولم يحرفوا الكلم عن مواضعه كما فعل الأولون؛ بل ردوا تحريف أولئك ببصائر الإيمان الذي علموا به مراد الرسل من إخبارهم برسالة الله وكلامه، واتبعوا هذا القرآن والحديث وإجماع السلف من الصحابة والتابعين وسائر أتباع الأنبياء، وعلموا أن قول هؤلاء أخبث من قول اليهود والنصارى، حتى كان ابن المبارك -إمام المسلمين– يقول:إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية»([12]).

قلت: والمؤمنون يشهدون شهادة علم ويقين وإخلاص أن الله تكلم بالقرآن قولاً، وأنزله وحياً، وأن هذا القرآن هو عين كلامه بحروفه ومعانيه، كما قال عز وجل:{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ} [الأحزاب:٤]. والمؤمنون يشهدون أنه عز وجل لم يزل متكلماً بإرادته ومشيئته؛ يتكلم بما شاء، وكيف شاء، ومتى شاء؛ يسمعه من يشاء من خلقه، كما قال عز وجل:{وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:461]. وأن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين؛ بل يتكلم بما يليق بجلاله وعظمته، كما قال عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١].

والمؤمنون يشهدون أن الله أنزل القرآن على نبيه ورسوله الأمين محمد  إيماناً وتصديقاً بقوله عز وجل:{هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [آل عمران:٧]. وقوله عز وجل: {لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا}[النساء:661]. وقوله جل ثناؤه:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ}[المائدة:76]. وقوله تقدست أسماؤه: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيم}  [غافر:٢]. وقوله:{تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} [فصلت:٢] .

والمؤمنون يشهدون أن الروح الأمين جبريل قد نزل بالقرآن على رسول الله محمد ، تصديقاً لقول الله عز وجل:{قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين} [البقرة:79]. وقوله جل ثناؤه:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين} [الشعراء:193–194].

والمؤمنون يشهدون أن رسول اللهr سمع القرآن من جبريل، وأنه بلّغه لأمته كما نزل من ربه، وقد أشهد الله على ذلك في خطبته عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، حيث قال للناس في ذلك الجمع الكبير:(وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا:نشهد أنك قد بلغت، وأديت ونصحت، ثم أشار بيده الكريمة إلى السماء، قائلاً:(اللهم هل بلغت، اللهم اشهد) قالها ثلاثاً([13]).

والمؤمنون يبرؤون إلى الله من أقوال الجهمية، والمعتزلة، والحلوليين، والاتحاديين، وغيرهم من الزنادقة، والماديين، ويكذبون ويكفرون الفرق التي قالت أو تقول إن القرآن مخلوق، أو إنه حكاية عن كلام الله أو نحو ذلك من أقوال هذه الفرق، ويقولون في ذلك ما قاله السلف الصالح والأئمة الأعلام بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.

المسألة الثانية:مسألة الصوت والـحرف:

لقد استمرت الفتنة بين ظهراني الأمة؛ لأن المعادين لها كانوا يعملون على استمرارها؛ فما تنتهي مسألة من مسائلهم إلا وتبدأ أخرى؛ فبعد انحسار الفتنة حول ما إذا كان كلام الله مخلوقاً أم غير مخلوق، بدأ الجدل حول ما إذا كان هذا الكلام صوتاً وحرفاً، أم ليس كذلك؟ وقد استمر هذا الجدل في المئة الثالثة من الهجرة إلى المئة الرابعة منها؛ ذلك أن ابن كلاب([14]) وأبو الحسن الأشعري([15])، ومن كان معهما لما ناظروا المعتزلة وحاجوهم في مسألة الصفات، وأن القرآن ليس بمخلوق قالوا:إن الله لا يتكلم بصوت، مخالفين بذلك أهل السنة من علماء الحديث والفقه.

وقد تتابع الجدل بين منكر لهذا القول، ومعارض له إلى أواخر المئة الرابعة من الهجرة؛ فخرج جماعة من الأشاعرة منهم القاضي أبو بكر الباقلاني([16]) فقالوا:إن الكلام ليس حرفاً ولا صوتاً ولا لغة، فخالفهم جمهور أهل السنة، ورأوا أن قولهم هذا بدعة ابتدعوها، وأن كلام الله عز وجل حرف وصوت ([17]).

ولم تكن هذه البدع والأقوال جارية في حاضرتي الخلافة دمشق وبغداد، ولكنها كانت دائرة في ولايات الخلافة ومدنها في الحجاز، وفي اليمن وفي غيرها. وأمام هذا الجدل، وأمام تلك البدع التي كان المسلم يشمئز منها بسمعه، وينكرها بلسانه وقلبه، كان يبحث عمن يعينه على ردها، ويقوي عقيدته وإيمانه بإنكارها.

قلت: وأما قولكم في السؤال:إن كلام الله تعالى له صوت، لقوله تعالى:{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} [الشعراء:01]. لكن ليس له حرف لأنه لا دليل له  -كما ذكرتم– من الكتاب والسنة، فقد بيَّن الحافظ الإمام أبو نصر السجزي الجواب عن هذه المسألة في رسالته إلى أهل زبيد في اليمن المسماة »رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت»([18]). فإن كنتم -سلمكم الله– قرأتموها (وهو الاحتمال الراجح) بدليل وصفكم للحافظ السجزي بالانحراف عن عقيدة أهل السنة والجماعة -كما سيأتي بيانه– فلعل في قراءتكم لها مرة أخرى ما يكفي للجواب على ما ذكرتموه، وإن لم تكونوا قد قرأتموها من قبل، فآمل أن يكون في قراءتكم لها ما يكفي للجواب عن هذه الجزئية من سؤالكم؛ لأني واثق أن هدفكم -إن شاء الله– هو البحث عن الحقيقة، والوصول إلى ما يطمئن به القلب، وتبرأ به الذمة من الوصول إلى الجواب الشافي والكافي، الذي بسطه لنا أئمة أعلام نذروا أنفسهم لخدمة دين الله.

مقدمة الرسالة وفصولها:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان مقدمة الرسالة وفصولها:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على محمد النبي وآله أجمعين.

أما بعد:

فقد ذُكر لي عنكم، وفقنا الله وإياكم لمرضاته، وقوفكم على كتاب (الإبانة) الذي ألفته في الرد على الزائغين في مسألة القرآن، وأنكم وجدتم المخالفين ببلدكم يشغبون عند ذكر الحرف والصوت، وأنه قد صعب عليكم تجريد القول فيهما، واستخراج ذلك من الكتاب لكثرة الأسانيد المتخللة للنكت التي تحتاجون إليها، وسألتم إفراد القول في هذا الفصل بترك الأسانيد، ليسهل عليكم الأخذ بكظم المخالف، (ورد الإسناد معه) وسامحت نفسي بذلك، رجاء وصولكم إلى طلبتكم، وحصول العلم لكم بفساد مذهب الخصم، والله ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

اعلموا -أرشدنا الله وإياكم– أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري، وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم، بل أخس حالاً منهم في الباطن، في أن الكلام لا يكون إلا حرفاً وصوتاً ذا تأليف واتساق، وإن اختلفت به اللغات.

وعبر عن هذا المعنى الأوائل الذين تكلموا في العقليات، وقالوا:الكلام حروف متسقة، وأصوات مقطعة.

وقال العرب الكلام:اسم وفعل وحرف جاء لمعنى؛ فالاسم مثل:زيد، وعمرو، وحامد، الفعل مثل:جاء، وذهب وقام وقعد، والحرف الذي يجيء لمعنى مثل:هل، وبل، وما شاكل ذلك.

فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفاً وصوتاً، فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل، وهم لا يخبرون أصول السنة، ولا ما كان السلف عليه، ولا يحتجون بالأخبار الواردة في ذلك زعماً منهم أنها أخبار آحاد، وهي لا توجب علماً وألزمتهم المعتزلة أن الاتفاق حاصل على أن الكلام حرف، وصوت، ويدخله التعاقب، والتأليف، وذلك لا يوجد في الشاهد إلا بحركة وسكون، ولا بد له من أن يكون ذا أجزاء وأبعاض، وما كان بهذه المثابة لا يجوز أن يكون من صفات ذات الله؛ لأن ذات الله سبحانه لا توصف بالاجتماع والافتراق، والكل والبعض، والحركة والسكون. وحكم الصفة الذاتية حكم الذات.

قالوا: فعلم بهذه الجملة أن الكلام المضاف إلى الله سبحانه خلق له أحدثه وأضافه إلى نفسه. كما تقول:عبد الله، وخلق الله وفعل الله.

فضاق بابن كلاب وأضرابه النفس عند هذا الإلزام؛ لقلة معرفتهم بالسنن، وتركهم قبولها وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل؛ فالتزموا ما قالته المعتزلة، وركبوا مكابرة العيان، وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر. وقالوا للمعتزلة:الذي ذكرتموه ليس بحقيقة الكلام، وإنما يسمى ذلك كلاماً على المجاز لكونه حكاية أو عبارة عنه، وحقيقة الكلام:معنى قائم بذات المتكلم.

فمنهم من اقتصر على هذا القدر، ومنهم من احترز عما علم دخوله على هذا الحد فزاد فيه ما ينافي السكوت والخرس والآفات المانعة من الكلام.

ثم خرجوا من هذا إلى أن إثبات الحرف والصوت في كلام الله سبحانه تجسيم. وإثبات اللغة فيه تشبيه.

وتعلقوا بشبه منها:قول الأخطل:

إن البيـان من الفؤاد وإنما      جعل اللسان على الفؤاد دليلاً

فغيروه وقالوا:

إن الكلام من الفؤاد وإنما        جعل اللسان على الكلام دليلاً

وزعموا أن لهم حجة على مقالتهم في قول الله سبحانه: {وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة:٨]. وفي قوله عز وجل:{فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا} [يوسف:٧٧].

واحتجوا بقول العرب:«أرى في نفسك كلاماً، وفي وجهك كلاماً».

فألجأهم الضيق مما يدخل عليهم في مقالتهم إلى أن قالوا:الأخرس متكلم، وكذلك الساكت والنائم، ولهم في حال الخرس والسكوت والنوم كلام، هم متكلمون به، ثم أفصحوا بأن الخرس والسكوت والآفات المانعة من النطق ليست بأضداد الكلام، وهذه مقالة تبين فضيحة قائلها في ظاهرها من غير رد عليه.

ومن علم منه خرق إجماع الكافة ومخالفة كل عقلي وسمعي قبله لم يناظر بل يجانب، ويقمع، ولكن لما عدم من ينظر في أمر المسلمين محنا بالكلام مع من ينبغي أن يلحق بالمجانين.

وأصل تلبيسهم على العوام وتمويههم على المبتدئين هو أن الحرف والصوت لا يجوز أن يوجدا إلا عن آلة وانخراق مثل:الشفتين، والحنك وأن لكل حرف مخرجاً معلوماً، وأن الله سبحانه ليس بذي أدوات بالاتفاق، فمن أثبت الحرف والصوت في كلامه، فقد جعله جسماً ذا أدوات، وهو كفر، قال الله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] . فيجب أن لا يكون ككلامه كلام.ونفوس ذوي النقص مسرعة إلى قبول هذا التمويه، يظنون أن في ذلك تنزيهاً لله سبحانه والأمر بخلاف ذلك.وزاد علي بن إسماعيل الأشعري في التمويه، فقال:«قد أجمعنا على أن لله سبحانه سمعاً، وبصراً، وكلاماً، ووجهاً، واتفقنا على أن سمعه بلا انخراق، وبصره بلا انفتاح، ووجهه بلا تنضيد، فوجب أن يكون كلامه بلا حرف ولا صوت». وقالوا جميعاً:إن أحداً من السلف لم يقل إن كلام الله حرف وصوت، فالقائل بذلك محدث، والحدث في الدين مردود، والأشعري خاصة أضرب قوله في هذا الفصل، فقال في بعض كتبه:«كتاب الله ليس بحرف ولا صوت، كما أن وجهه ليس بتنضيد وكلام كل متكلم سواه حرف وصوت».

وقال في غير ذلك من كتبه:«الكلام معنى قائم بنفس المتكلم كائناً من كان، ليس بحرف ولا صوت».

وإثبات قولين مختلفين في باب التوحيد، وإثبات الصفات تخبط، وضلال، والعقليات بزعم القائلين بها لا تحتمل مثل هذا الاختلاف، والحدود العقلية لا يرجع فيها إلا إلى من تقدم دون من أراد أن يؤسسَ لنفسِه اليوم باختياره أساساً واهياً.

ثم قال لهم -أي أهل زبيد– في أحد عشر فصلاً (هي فصول الرسالة) ما يلي:فالذي تحتاجون إليه حفظكم الله معهم في إزالة تمويههم:

«أن تقيموا البرهان أن الحجة القاطعة هي التي يرد بها السمع لا غير، وأن العقل آلة للتمييز فحسب، ثم تبينوا ما السنة؟ وبماذا يصير المرء من أهلها؟ فإن كلاً يدعيها، وإذا علمت وعرف أهلها بأن (أن مخالفها) زائغ لا ينبغي أن يلتفت إلى شبهه.

وأن تدلوا على مقالتهم أنها مؤدية إلى نفي القرآن أصلاً. وإلى التكذيب بالنصوص الواردة فيه، والرد لصحيح الأخبار، ورفع أحكام الشريعة.

ثم تبرهنوا على أنهم مخالفون لمقتضى العقل بأقاويل متناقضة مظهرون لخلاف ما يعتقدونه وذاك شبيه بالزندقة.

ثم تعرفوا العوام أن فرق اللفظية، والأشعرية موافقون للمعتزلة في كثير من مسائل الأصول، وزائدون عليهم في القبح، وفساد القول في بعضها.

وأن توردوا الحجة على أن الكلام لن يعرى عن حرف وصوت البتة، وأن ما عري عنهما لم يكن كلاماً في الحقيقة، وإن سمي في وقت بذلك تجوزاً واتساعاً، وتحققوا جواز وجود الحرف والصوت من غير آلة وأداة وهواء منخرق، وتسوقوا قول السلف، وإفصاحهم بذكر الحرف والصوت أو ما دل عليهما، وتجمعوا بين العلم والكلام في إثبات الحدود بهما.

ثم تذكروا فعلهم في إثبات الصفات في الظاهر وعدولهم إلى التأويل المخالف له في الباطن، وادعاءهم أن إثباتها على ظاهرها تشبيه.

ثم تشرحوا أن الذي يزعمون بشاعته من قولنا في الصفات ليس على ما زعموه، ومع ذلك فلازم لهم في إثبات الذات مثل ما يلزمون أصحابنا في الصفات.

وأن تذكروا شيئاً من قولهم لتقف العامة على ما يقولونه، فينفروا عنهم، ولا يقعوا في شباكهم.

ثم تنظروا كون شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل ومرتبكين إلى ما قد نهوا عنه.

ثم تحذروا الركون إلى كل أحد والأخذ من كل كتاب، فإن التلبيس قد كثر، والكذب على المذاهب قد انتشر.

فجميع ما ذكرت أن بكم إليه حاجة عند الرد عليهم (أحد عشر فصلاً) من أحكمها تمكن من الرد عليهم إذا سبق له العلم بمذهبه ومذهبهم، وأما العامي والمبتدي فسبيلهما أن لا يصغيا إلى المخالف ولا يحتجا عليه، فإنهما إن أصغيا إليه أو حاجاه خيف عليهما الزلل عاجلاً والانفتال آجلاً، نسأل الله العون على بيان ما أشرنا إليه، فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا به، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

واختتم الإمام السجزي رسالته بقوله:«.. فليحذر كل مسلم مسئول ومناظر من الدخول فيما ينكره على غيره، وليجتهد في اتباع السنة واجتناب المحدثات ما أمر، وليعلم أن الله سبحانه لو أراد أن يكل الأمر إلى الناس، ويأمرهم بالاجتهاد فيه برأيهم لفعل، لكنه أبى ذلك، وأمرهم ونهاهم ثم ألزمهم الاجتهاد في القيام بما أمروا به، واجتناب ما نهوا عنه»([19]).

المسألة الثالثة:عقيدة الإمام السجزي:

وأما سؤالكم لماذا انحرف السجزي وغيره من الحشوية عن عقيدة أهل السنة والجماعة؟ فيبدو أن عقيدته واضحة في أنه من أهل السنة والجماعة؛ حيث بيَّن ذلك في الفصل الثاني من الرسالة بقوله:«فأهل السنة هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح -رحمهم الله– عن الرسولr ، أو عن أصحابه -رضي الله عنهم– فيما لم يثبت فيه نص في الكتاب، ولا عن الرسولr ، لأنهم -رضي الله عنهم– أئمة، وقد أمرنا باقتداء آثارهم، واتباع سنتهم، وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى إقامة برهان والأخذ بالسنة واعتقادها مما لا مرية في وجوبه.

قال الله تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} [آل عمران:13]. وقال:{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب:12].وقال رسول اللهr :(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)([20]). وقال عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: «من خالف السنة كفر»([21]).

وإذا كان الأمر كذلك فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله. وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف علم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغى إليه، أو يناظر في قوله»([22]).

قلت: ولم أطلع على أن أحداً من أهل السنة المعروفين قد أنكر على الإمام السجزي قوله، أو أنه رأى فيما قاله مثلما رأيتم فيه من مخالفته لعقيدة أهل السنة والجماعة، بل إنه محل الثناء من الأئمة؛ فقد نقل عنه شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية ما قاله في الرد على الأشاعرة في رسالته هذه إلى أهل زبيد ([23]). ونقل عنه ما ورد في كتابه الإبانة في مسألة القرآن ومما جاء فيه:«وأما نحن فنقول كلام الله حرف وصوت بحكم النص، قال:وليس ذلك عن جارحة ولا آلة، وكلامنا حروف وأصوات لا يوجد ذلك منا إلا بآلة، والله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء لا يشغله شيء عن شيء، والمتكلم منا لا يتأتى منه أداء حرفين إلا بأن يفرغ من أحدهما ويبتدئ في الآخر. والقرآن لما كان كلاماً لله كان معجزاً وكلام الخلق غير معجز، وفي كلام الله بيان ما كان وما سيكون، وما لا يكون أبداً لو كان كيف كان يكون، والخلق لا يصلون إلى هذه الأشياء إلا بتعريف»([24]).

وقال عنه الإمام الذهبي ما نصه:«أنه الإمام الحافظ المجود شيخ السنة أبو نصر .. شيخ الحرم ومصنف الإبانة الكبرى في أن القرآن غير مخلوق، وأثنى عليه وذكر أنه من أهل الحديث، وحدّث عنه كثير من العلماء»([25]). وقال عنه المؤرخ الفقيه عبدالحي بن العماد الحنبلي:أنه كان متقناً مكثراً بصيراً بالحديث والسنة، واسع الرواية. وأثنى عليه([26]). وذكره الإمام زين العابدين أبوالعدل قاسم بن قطلوبغا الحنفي بأنه:«صاحب التصانيف» ([27]). وذكره الإمام الحافظ ابن كثير، وقال عنه:إنه سمع الكثير وصنّف وخرّج، وأشار إلى كتابه الإبانة في الأصول([28]). كما ذكره تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسي المكي، وأشار إلى من تحدث عنه من العلماء. كما أشار إلى كتابه الإبانة الكبرى في مسألة القرآن، وأنه -أي هذا الكتاب– دال على إمامته وبصره بالرجال والطرق([29]).

وأختتم هذا الجواب بالقول:إن مسألة الصوت والحرف مما تنازع فيها عدة فرق، والأصل فيها ما ثبت بالكتاب، والسنة، والإجماع. وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية؛ فلما سئل عن رجلين قال أحدهما:القرآن حرف وصوت، وقال الآخر:ليس هو بحرف ولا صوت، أجاب -رحمه الله– بما يلي: الحمد لله رب العالمين. هذه «المسألة» يتنازع فيها كثير من الناس، ويخلطون فيها الحق بالباطل، فالذي قال:إن القرآن حرف وصوت إن أراد بذلك أن هذا القرآن الذي يقرؤه المسلمون هو كلام الله، الذي نزل به الروح الأمين على محمد r خاتم النبيين والمرسلين، وأن جبريل سمعه من الله والنبي  سمعه من جبريل، والمسلمون سمعوه من النبي  كما قال تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} فقد أصاب في ذلك؛ فإن هذا مذهب سلف الأمة وأئمتها، والدلائل على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع.

ومن قال:إن القرآن العربي لم يتكلم الله به، وإنما هو كلام جبريل أو غيره، عبر به عن المعنى القائم بذات الله، كما يقول ذلك ابن كلاب والأشعري ومن وافقهما، فهو قول باطل من وجوه كثيرة»([30]).

هذا ما أردت جوابه لسؤالكم -المشار إليه آنفاً– ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن ندعوا الله عز وجل أن يبصرنا جميعاً بالحق، وأن يوفق أمتنا إلى اتباع صراطه المستقيم وسنة رسوله الأمين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأن يجنبنا جميعاً الفتن ما ظهر منها وما بطن. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

([1]) أخرجه ابن ماجة في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، سنن ابن ماجة، ج١ ص٥١-٦١ ، برقم (٢٤) .

([2]) أخرجه الحاكم في مستدركه، وأخرج الدارمي الجزء الأول من الحديث في كتاب السير، باب في افتراق هذه الأمة، برقم (٨١٢) ، سنن الدارمي، ج٢ ص٤١٣، وأخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، سنن الترمذي، ج٥ ص٦٢ ، برقم (١٤٦٢).

([3]) هو الجعد بن درهم المتوفى سنة (٤٢١هـ) ، أول من قال بخلق القرآن، وهو الذي ينسب إليه مروان الجعدي -وهو مروان الحمار آخر خلفاء بني أمية- أصله من خراسان، سكن دمشق لما أظهر مقالته طلبه بنو أمية، فهرب إلى الكوفة، ثم قتله بها خالد بن عبدالله القسري عامل بني أمية فيها في يوم عيد الأضحى. انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ج٩ ص٤٦٣-٥٦٣ .

([4]) هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي، أبو عبدالملك، (٢٧-٢٣١هـ)، ويعرف بالجعدي وبالحمار، آخر ملوك بني أمية في الشام، ولاه هشام بن عبدالملك على آذربيجان وأرمينية، فافتتح فتوحات وخاض حروباً كثيرة، ويقال له «الحمار» أو «حمار الجزيرة» لجرأته في الحروب، واشتهر بمروان الجعدي نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم، انظر: البداية والنهاية، ج٠١ ص٥٢، والأعلام، للزركلي، ج٧ ص٨٠٢-٩٠٢ .

([5]) هو خالد بن عبدالله بن يزيد القسري (٦٦-٦٢١هـ)، من بجيلة، أبو الهيثم، أمير العراقيين، أحد خطباء العرب، يماني الأصل من أهل دمشق، ولي مكة سنة (٩٨هـ) للوليد بن عبدالملك، ثم ولاه هشام الكوفة والبصرة سنة (٥٠١هـ)، إلى أن عزله (٠٢١هـ). انظر: البداية والنهاية، ج٠١ ص٩١-٣٢، والأعلام للزركلي، ج٢ ص٧٩٢.

([6]) انظر: البداية والنهاية، ج٩ ص٤٦٣-٥٦٣ .

([7]) جهم بن صفوان، أبو محرز السمرقندي، رأس الجهمية الضال المبتدع، هلك في زمن صغار التابعين، قتله نصر بن يسار بأمر سلم بن أحوز سنة (٨٢١هـ)، قال الذهبي في ميزان الاعتدال، ج١ ص٦٢٤: «وقد زرع شراً عظيماً». انظر: البداية والنهاية، ج ٠١ ص٠٣، والأعلام، للزركلي ج٢ ص١٤١ .

([8]) هو بشر بن غياث أبو كريمة المريسي، اشتغل بعلم الكلام وجرد القول بخلق القرآن، وحكي عنه أقوال شنيعة، ومذاهب مستنكرة، كفره العلماء بسببها، وإليه تنسب الطائفة المريسية، توفي سنة (٨١٢هـ) ، انظر: تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، ج٧ ص٦٥ .

([9]) هو أحمد بن فرج بن حريز الإيادي الجهمي المعتزلي، كان داعية إلى خلق القرآن، توفي سنة (٠٤٢هـ)، أعلن بمذهب الجهمية وحمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن. انظر: البداية والنهاية، ج٠١ ص٣٣٣ .

([10])     هو عبدالله المأمون بن هارون الرشيد العباسي أبو جعفر، (٠٧١-٨١٢هـ) ، تولى الخلافة مدة عشرين سنة وخمسة أشهر، قال ابن كثير: »وقد كان أوصى إلى أخيه المعتصم وكتب وصيته بحضرته وبحضرة ابنه العباس وجماعة من القضاة والأمراء والوزراء والكتاب. وفيها القول بخلق القرآن، ولم يتب من ذلك، بل مات عليه، وانقطع عمله وهو على ذلك». البداية والنهاية، ج٠١ ص٣٩٢ .

([11])     هو المعتصم بالله أبو إسحاق بن هارون، بويع له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بطرطوس سنة ٨١٢هـ، وعلى يديه جرت فتنة الإمام أحمد، انظر: البداية والنهاية، ج٠١ ص٣٩٢-٤٩٢.

([12])     مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ج٢١ ص٠٣ .

([13])     أخرجه ابن ماجة في كتاب المناسك، باب حجة الرسول ، سنن ابن ماجة، ج٢ ص٢٢٠١- ٣٢٠١، برقم (٤٧٠٣) .

([14])     هو عبدالله بن سعيد -ويقال ابن حمد- أبو محمد بن كلاب القطان، وكلاب مثل خطاف لفظاً ومعنى، لقب به؛ لأنه كان لقوته في المناظرة يجتذب من يناظره، توفي بعد الأربعين ومئتين، وإليه تنسب الطائفة الكلابية. انظر ترجمته في الفهرس، لابن النديم ص٥٥٢، وطبقات الشافعية، للسبكي، ج١ ص٢٥ .

([15])     هو أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (٠٦٢-٤٢٣هـ)، يتصل نسبه بأبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- له كتاب «الإبانة» و«مقالات الإسلاميين». انظر ترجمته في: شذرات الذهب، ج٢ ص٣٠٣ ، ووفيات الأعيان، لابن خلكان، ج٢ ص٥٨٢ .

([16])     هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، المعروف بالباقلاني، البصري المتكلم المشهور، انتهت إليه الرئاسة في مذهب الأشاعرة في عصره، سكن وتوفي ببغداد سنة ٣٠٤هـ. انظر: وفيات الأعيان، لابن خلكان، ج٤ ص٩٦٢، والأعلام، للزركلي، ج٧ ص٦٤.

([17])     انظر: رسالة السجزي إلى أهل زبيد ص٥٤١-٩٦١ ، ودرء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية، ج٢ ص٣٨-٤٩ .

([18])     حقق هذه الرسالة محمد كريم با عبدالله، ونال بها درجة الماجستير من كلية الدعوة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

([19])     رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت، ص٧٣٢ .

([20])     أخرجه ابن ماجة في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، سنن ابن ماجة، ج١ ص٥١-٦١ ، برقم (٢٤)

([21])     الاعتصام للشاطبي، ج١ ص٠٦.

([22])     رسالة السجزي إلى أهل زبيد، ص٩٩-٠٠١ .

([23])     انظر: درء تعارض العقل والنقل، ج٢ ص٣٨-٦٨ .

([24])     درء تعارض العقل والنقل، ج٢ ص٣٩-٤٩ .

([25])     سير أعلام النبلاء، ج٧١ ص٤٥٦-٥٥٦ .

([26])     شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج٣ ص١٧٢-٢٧٢ .

([27])     تاج التراجم في من صنف من الحنفية، ص٠٤١-١٤١ .

([28])     البداية والنهاية، ج٢١ ص٥٢١ .

([29])     العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، ج٥ ص٧٠٣-٨٠٣ .

([30])     مجموع الفتاوى، ج٢١ ص٢٨٥-٣٨٥ .