حكم دفع زكاة الأخ وزكاة زوجته لأخته، وما إذا كان الأحق بالزكاة من له دخل يسير أو من ليس له دخل أصلًا.

حكم دفع الزكاة للأخت، ومن الأولى بأن تدفع له الزكاة

هذا السؤال من الأخت أمينة من كندا.

والجواب: أن الله عز وجل حدد استحقاق الزكاة في ثمانية مصارف في قوله عز ذكره: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم}، [التوبة: 60]، فيشمل الاستحقاق للزكاة من يدخل تحت مسمى الفقير، وهو من لا غنى له يكفيه مطالبه الدنيوية الضرورية، إما لسبب عجزه عن العمل لمرض ونحوه أو لعدم حصوله عليه، وإما لأي سبب آخر يدخله في وصف الفقير، فتجب له حينئذٍ الزكاة، سواء تعفف عن سؤالها أو سألها. وفي هذا قال الله عز وجل في فضل الصدقة على المتعفف: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيم} [البقرة:273].

وفي جواز سؤالها قال رسول الله ﷺ: (إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله أحلت له المسألة، حتى يصيب قوامًا من عيش، أو قال: سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسألة، حتى يصيب قوامًا من عيش..)([1]). فإن كانت أخت الزوج التي أشارت إليها الأخت السائلة فقيرة فتحل لها الزكاة من أخيها، وهي في الوقت نفسه زكاة مفروضة عليه، ثم هي بر منه وصلة لها، وفي البر أجر عظيم. وفي الحديث أن رسول الله ﷺ قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه فليصل رحمه) الحديث([2]). وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك) قال رسول الله ﷺ: (فاقرؤوا إن شئتم {فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ ۝٢٢ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ ۝٢٣} [محمد: 22-23])([3]). كما تحل الزكاة لأخت الزوج من زوجة أخيها، ما دامت مستحقة لها، وفي دفعها لها أداء لفرض، ثم بر لزوجها للصدقة على أخته. أما السؤال عمن هو الأحق بالزكاة، هل ذو الدخل اليسير أم الذي لا دخل له؟ فالأصل أن من ليس له دخل يقدم في الاستحقاق على من له دخل يسير؛ لأن هذا يعد أكثر حاجة من الآخر.

وخلاصة المسألة: أن الزكاة تحل للأخت من أخيها إذا كانت فقيرة، وهي زكاة وبر، كما تحل لها من زوجة أخيها؛ لأنها زكاة لمستحقة، وبر من الزوجة لزوجها بدفع زكاتها إليها. ويقدم في الاستحقاق في الزكاة من ليس له دخل على الذي له دخل.

 

([1]) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب تحل له المسألة، صحيح مسلم بشرح النووي، ج4 ص2856 برقم (1044).

([2]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، فتح الباري ج10 ص429، برقم (5986).

([3]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله، فتح الباري، ج10ص430، برقم (5987).