والجواب أن الأصل وجوب البر بالأقارب أي كل ذي رحم وقد ورد في هذا أحاديث كثيرة منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ” الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ”([1]) وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “مَن كان يؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فلْيَصِلْ رَحِمَه “([2]) وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه: ” ليس الواصِلُ بالمكافِئِ، ولكِنَّ الواصِلَ الذي إذا قُطِعَت رَحِمُه وَصَلَها”([3]) وقد حذر الله عزوجل عباده من القطيعة بين الأرحام وجعل ذلك من الفساد في الأرض واستحق للعنة لهم فقال عز ذكره: ” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”(محمد:22-23) كما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من القطيعة بين الأرحام في حديث عائشة رضي الله عنها السابق ذكره، و في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ”([4]).
والمعنى أن يكون القريب قادرا على الإنفاق على قريبه إذا كان فقيرا عاجزا عن الكسب، فإن لم تكن لديه القدرة فلا جناح عليه وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة-رحمهم الله- ([5])وهذا هو حكم الشرع أما الأخلاق فلا يتصور أن يمتنع الأخ القادر عن النفقة على أخيه وأخته ويتركهما عالة يتكففان الناس ويسألانهم للنفقة عليهما أو يتركهما يعملان في الزبل من أجل طعامهما.
فالحاصل جوابا على السؤال إنه يجب على القريب القادر الإنفاق على أخيه الفقير العاجز عن الكسب وعلى أخته الفقيرة العاجزة عن الكسب بما يكفيهما من الطعام والشراب واللباس ويشمل هذا الواجب كل ذي رحم قادر على الإنفاق على رحمه ممن هم في حاجة لها وأن يكون هذا الواجب حسب درجة القرابة فإذا كان للأخ والأخت والد أو الدة قادرين على الإنفاق عليهما ارتفع الواجب عن الأخ والمعنى أن يكون الواجب على الأقرب فالأقرب أي أن نفقة الأخ والأخت على والدهما أولا ثم أخيهما ثانيا.
والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه مسلم (2555).
[2] رواه البخاري (6138).
[3] أخرجه البخاري (5991).
[4] أخرجه مسلم (2556).
[5] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/64)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/228) و((حاشية الدسوقي 2 / 522 – 524)). و((تحفة المحتاج 8 / 344 و 345، ونهاية المحتاج 7 / 218))((كشاف القناع)) للبهوتي (5/481)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/238)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/643) و ((نيل الأوطار)) (6/381).